الأخ أبا الحسن المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا نستطيع الإحاطة بكلّ ما وضعه، أو أضافه، أو حرّفه من أحاديث بخصوص أمير المؤمنين(عليه السلام)، فهو يحتاج إلى تحقيق واسع وجهد ووقت كبيرين، ولكن نذكر مثالاً واحداً مشهوراً، وهو: ذكر ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة): ((ثمّ نعود إلى حكاية كلام شيخنا أبي جعفر الإسكافي(رحمه الله تعالى)، قال أبو جعفر: وروى الأعمش, قال: لمّا قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة, جاء إلى مسجد الكوفة, فلمّا رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه, ثمّ ضرب صلعته مراراً, وقال: يا أهل العراق! أتزعمون أنّي أكذب على الله وعلى رسوله, وأحرق نفسي بالنار! والله لقد سمعت رسول الله(صلّى الله عليه وآله) يقول: (إنّ لكلّ نبيّ حرماً, وإنّ حرمي بالمدينة, ما بين عير إلى ثور, فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين), وأشهد بالله أنّ عليّاً أحدث فيها، فلمّا بلغ معاوية قوله، أجازه وأكرمه، وولاّه إمارة المدينة)) (1) . وفي المقابل وضع أيضاً أحاديث تخدم مآرب أعداء أمير المؤمنين(عليه السلام) وتمجّدهم، مثل: ما وضعه على لسان رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: ((ستلقون بعدي فتنة واختلافاً - أو قال: اختلافاً وفتنة ــ. فقال له قائل: يا رسول الله! بما تأمرنا؟ قال: عليكم بالأمير وأصحابه، وهو يشير بذلك إلى عثمان(رضي الله عنه) )) (2) . وما وضعه لمّا جمع عثمان المصاحف؛ ففي تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، بسنده: ((لمّا نسخ عثمان المصاحف، قال له أبو هريرة: أصبت ووفّقت، أشهد لسمعت رسول الله(صلّى الله عليه وسلّم) يقول: إنّ أشدّ أُمّتي حبّاً لي، قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني، يعملون بما في الورق المعلّق. فقلت: أيّ ورق! حتّى رأيت المصاحف. فأعجب ذلك عثمان، وأمر لأبي هريرة بعشرة آلاف، وقال: والله، ما علمت أنّك لتحبس علينا حديث نبيّنا(صلّى الله عليه وسلّم) )) (3) . ومنها كذبته الصلعاء؛ روى الحاكم في (المستدرك) عن أبي هريرة، قال: ((دخلت على رقية بنت رسول الله(صلّى الله عليه وآله) امرأة عثمان وبيدها مشط، فقالت: خرج رسول الله(صلّى الله عليه وآله) من عندي آنفاً رجّلت رأسه، فقال لي: كيف تجدين أبا عبد الله؟
قلت: بخير.
قال: أكرميه فإنّه من أشبه أصحابي بي خُلقاً.
- قال الحاكم:- هذا حديث صحيح الإسناد، واهي المتن؛ فإنّ رقيّة ماتت سنة ثلاث من الهجرة عند فتح بدر، وأبو هريرة إنّما أسلم بعد فتح خيبر، والله أعلم! وقد كتبناه بإسناد آخر)) (4) . وكان يختلق القصص والأقوال في الدعاية لمعاوية، فنظر يوماً إلى عائشة بنت طلحة - وكانت فائقة الجمال - فقال: ((سبحان الله! ما أحسن ما غذّاك أهلك! والله ما رأيت وجها أحسن منك إلاّ وجه معاوية على منبر رسول الله)) (5) .
وقال: ((رأيت هنداً بمكّة جالسة كأنّ وجهها فلقة قمر، وخلفها من عجيزتها مثل الرجل الجالس، ومعها صبي يلعب، فمرّ رجل، فنظر إليه، فقال: إنّي لأرى غلاماً إن عاش ليسودنّ قوماً. فقالت هند: إن لم يسودنّ إلاّ قومه، فأماته الله)) (6) . وأنت تعلم أنّ أبا هريرة لم يأتِ إلى المدينة إلاّ سنة سبع، وقد كان معاوية عند فتح مكّة رجلاً!
ودمتم في رعاية الله