🏴تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.🏴
انّ امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) لما فرغ من قتل الخوارج وعاد إلى الكوفة ، قام في المسجد فصلى ركعتين، ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسناء، ثم التفت إلى ابنه الحسن (عليه السلام)، فقال: ((يا أبا محمد ، كم مضى من شهرنا هذا؟)) قال: ((ثلاث عشرة يا أمير المؤمنين))، ثم التفت إلى الحسين (عليه السلام)، فقال: ((يا أبا عبد الله، كم بقي من شهرنا هذا ـ يعني رمضان الذي هم فيه ـ؟)) فقال الحسين (عليه السلام): ((سبع عشرة يا أمير المؤمنين))، فضرب (عليه السلام) بيده إلى لحيته، وهي يومئذ بيضاء، فقال: ((الله أكبر، والله ليخضبنها بدمها إذا انبعث أشقاها)).
وعبد الرحمن بن ملجم المرادي يسمع، فوقع في قلبه من ذلك شئ ، فجاء حتى وقف بين يدي علي (عليه السلام) وقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، هذه يميني وشمالي بين يديك فاقطعهما أو فقتلني. قال (عليه السلام): ((وكيف أقتلك ولا ذنب عليك؟ ألا ولو اعلم انك قاتلي لم أقتلك، ولكن هل كانت لك حاضنة يهودية فقالت لك يوما من الأيام: يا شقيق عاقر ناقة ثمود؟))، قال: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين، فسكت (عليه السلام) وركب.
سار الإمام في ليلة التاسعة عشر إلى المسجد فصلى النافلة في المسجد ثم علا المئذنة فأذن، فلم يبق في الكوفة بيت إلا اخترقه صوت أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم نزل عن المئذنة وهو يسبح الله ويقدسه ويكبره و يكثر من الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وكان يتفقد النائمين في المسجد ويقول للنائم: الصلاة، الصلاة يرحمك الله، قم إلى الصلاة المكتوبة، ثم يتلو (إنّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الفَحْشَاءَ وَالمُنْكَرِ)
لم يزل الإمام يفعل ذلك حتى وصل إلى ابن ملجم وهو نائم على وجهه وقد أخفى سيفه تحت إزاره، فقال له الإمام: يا هذا قم من نومتك هذه فإنها نومة يمقتها الله، وهي نومة الشيطان ونومة أهل النار، بل نم على يمينك فإنها نومة العلماء، أو على يسارك فإنها نومة الحكماء، أو نم على ظهرك فإنها نومة الأنبياء.
ثم قال له الإمام: لقد هممت بشيء تكاد السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا، ولو شئت لأنبأتك بما تحت ثيابك. ثم تركه، واتجه إلى المحراب وبدأ يصلي وكان (عليه السلام) يطيل الركوع والسجود في صلاته، فقام الشقي ابن ملجم وأقبل مسرعاً يمشي حتى وقف بإزاء الأسطوانة التي كان الإمام يصلي عندها، فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها وشد عليه اللعين ابن ملجم فضرب الإمام على رأسه فشقه نصفين، فوقع يخور في دمه وهو يقول: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله؛ ثم صاح الإمام فزت ورب الكعبة و يقول (هَذَا مَا وَعَدَنا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ) وقد وقعت الضربة على مكان الضربة التي ضربه عمرو بن عبدود العامري في واقعة الخندق.
فاصطفقت أبواب الجامع، وضجت الملائكة في السماء وهبت ريح عاصفة سوداء مظلمة، ونادى جبرائيل بين السماء والأرض: تهدمت والله أركان الهدى، وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتل سيد الأوصياء، قتله أشقى الأشقياء.
📚كتاب وفيات الائمة عليهم السلام.
📚كتاب مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب.
📚كتاب نهج السعادة.